مسؤول أوروبي: تركيا شريك هام وسنواصل الحوار معها
أعلن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن الاتحاد سيجري محادثات مع تركيا بشأن القضايا العالقة في المنطقة.
وقال بوريل في كتابه “السياسة الخارجية الأوروبية في أوقات كورونا”، الصادر أمس السبت: “فيما يتعلق بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط؛ سنسعى للحوار مع تركيا بشأن القضايا العالقة”.
وأكد أن “تركيا ستستمر في كونها شريك مهم في العديد من القضايا، وهذا يجب أن يساعدنا في الخروج من ديناميكية المواجهة الخطيرة مع هذا الجار العظيم”.
وشدد على أن: “تركيا تريد أن ينظر إليها على أنها دولة لا يمكن إقصاؤها من مشاركة موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط، ودولة ذات حل سياسي في ليبيا”.
وأوضح المسؤول الأوروبي أن ” العام الماضي، كانت أهم مواضيع السياسة الخارجية للكتلة، هي تركيا ومنطقة شرق المتوسط، واليوم لا يزال واضحا أن الاتحاد الأوروبي لن يقدر على تحقيق الاستقرار في القارة ما لم يجد التوازن الصحيح في علاقاته مع تركيا والاتحاد الروسي”.
وأضاف أنه عندما تولى المنصب، كان يعلم أن استعادة العلاقات مع تركيا ستكون إحدى القضايا الصعبة.
وعن قضية قبرص والعلاقات التركية اليونانية، قال إنها: “كانت في أساس العلاقات التركية الأوروبية”، مؤكدا أن “هذه القضايا يجب ألا تتأخر أكثر من ذلك”.
وعن السياسة الخارجية لتركيا، قال بوريل إن “تركيا أصبحت قوة إقليمية لا يستهان بها، وحققت نجاحات لا يمكن إنكارها، ولكن لسوء الحظ، في بعض الحالات القليلة جدا، لا تتماشى الأجندة الدولية لتركيا بشكل جيد مع أجندة الاتحاد الأوروبي”.
علاقات تركيا القوية في مصلحة الاتحاد الأوروبي
وأما عن ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي، فقال بوريل: “لا يمكن أن تكون العلاقات ذات طريق واحد، إذ يتعين على الاتحاد الأوروبي أيضا أن يظهر لتركيا أنها سيتم الترحيب بها كأحد أفراد الأسرة إذا التزمت بجانبها بالاتفاقيات. هذا هو المكان الذي تلعب فيه الأجندة الإيجابية المتفق عليها في البيان المشترك لعام 2016 دورًا حيويًا”.
وتوصلت الحكومة التركية والاتحاد الأوروبي في 18 آذار/ مارس 2016 في بروكسل إلى 3 اتفاقيات مرتبطة ببعضها البعض مع الاتحاد حول الهجرة، وإعادة قبول اللاجئين، وإلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك.
وسلط بوريل الضوء على أهمية العلاقات التركية الأوروبية للطرفين، وقال: “تشكيل علاقة تعاون قوية مع تركيا سيساهم بشكل كبير في الاستقرار الأوروبي، وبالمثل، سيكون من الصعب على تركيا أن تعثر على شريك أفضل من الاتحاد الأوروبي”.
أوروبا في مواجهة الإمبراطوريات الجديدة
أشار بوريل في كتابه إلى روسيا والصين وتركيا على أنها “إمبراطوريات جديدة”، وقال: “حتى تكون قادرا على التفاوض وتسوية النزاعات بشكل سلمي مع تلك الإمبراطوريات، يحتاج الاتحاد الأوروبي أن يتعلم لغة القوة”.
وبينما كان يدافع عن القانون الدولي وحقوق أعضاء الاتحاد الأوروبي، أكد بوريل على أهمية “إيجاد أرضية مشتركة مع هذا الجار والشريك العظيم.
وفي الوقت نفسه، نوه أن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه أن ينجح في ذلك “إلا إذا أرادت تركيا ذلك أيضا وتصرفت على هذا الأساس”.
اقرأ أيضاً: بعد 5 سنوات.. تعهدات بروكسل حول اتفاق الهجرة مع أنقرة “مجمدة”
رغم مرور خمس سنوات على اتفاق الهجرة الموقع بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 18مارس/ آذار 2016، لم يفِ الأخير بتعهدات مختلفة في الاتفاق مثل رفع تأشيرة الدخول عن المواطنين الأتراك، وإحياء مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد، وتحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي.
وساعد اتفاق الهجرة على إيقاف موجات الهجرة غير الشرعية التي سببت أزمة كبيرة للاتحاد الأوروبي، الذي تمكن من تنفس الصعداء بعد تعاونه مع تركيا.
وعقب الاتفاق انتهت تماماً موجات الهجرة غير الشرعية من تركيا إلى أوروبا وبذلك تجاوز الاتحاد الأوروبي أزمة كبرى كادت تتسبب في تفككه خلال فترة قصيرة.
وفي إطار الاتفاق تعهد الاتحاد الأوروبي بالعديد من الوعود التي أخل بها فيما بعد، مثل إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى دول الاتحاد، وتقديم مساعدات مالية بقيمة 6 مليارات يورو للاجئين في تركيا، وتحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، وكذلك تسريع مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد.
إلغاء تأشيرة الدخول
كان الاتحاد الأوروبي قد تعهد بموجب الاتفاق بإعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى الدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد حتى نهاية يونيو/ حزيران 2016، ولكنه أخل بتعهده ولم ينفذه.
وينص أحد بنود الاتفاق على أن يتم تسريع العمل على خريطة الطريق للسماح بإعفاء مواطني تركيا من تأشيرات الدخول إلى أوروبا، في مهلة أقصاها نهاية يونيو/حزيران 2016، شريطة أن تستوفي تركيا المعايير الـ72 اللازمة. إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يفِ بتعهده الخاص بهذه المادة.
ويطالب الاتحاد الأوروبي تركيا بتنفيذ ستة شروط من أجل إلغاء التأشيرة، وهي اتخاذ تدابير في مجال مكافحة الفساد، وعقد اتفاقية تعاون مع مكتب الشرطة الأوروبي (يوروبول)، وتعديل قوانين مكافحة الإرهاب وفق معايير أوروبا، وتنظيم تعديلات قانونية أو دستورية متعلقة بحماية البيانات الشخصية وفق معايير الاتحاد الأوروبي، والتعاون الفاعل مع جميع أعضاء الاتحاد بالقضايا المتعلقة بالجرائم، وتطبيق جميع بنود اتفاق إعادة القبول.
وكان شرط تعديل قوانين مكافحة الإرهاب هو الشرط الأكثر جدلاً بين الطرفين من بين كل الشروط والمعايير المطلوبة.
وطالبت تركيا الاتحاد الأوروبي بإظهار مرونة حيال البند المتعلق بقوانين مكافحة الإرهاب، نظرًا للعمليات الإرهابية التي كانت تشهدها على أراضيها، إذ شهدت تركيا محاولة انقلاب فاشلة عقب توقيع الاتفاق بفترة قصيرة، علاوة على محاربتها عدة تنظيمات إرهابية. إلا أن تركيا لم تجد ما كانت تطالب به.
بند المساعدات المالية للاجئين
كان الاتحاد الأوروبي قد وعد بتقديم دعم مالي قدره 6 مليارات يورو لمساعدة تركيا التي تفتح أبوابها لملايين اللاجئين.
وقد تقرر صرف هذه الأموال لتنفيذ المشروعات لتلبية احتياجات السوريين في تركيا من صحة وتعليم ومأكل وبنية تحتيه وغير ذلك.
وماطل الاتحاد الأوروبي كثيراً في تنفيذ وعوده بتقديم هذه المساعدات المالية. إلى أن تم الاتفاق في نهاية 2020 على دفع كل الأموال.
وعلى الرغم من مرور 5 سنوات إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يرسل حتى الآن إلا 4 مليارات يورو من أصل 6 مليارات يورو تعهد بتقديمها.
تنفق تركيا مبالغ أكثر بكثير من الدعم الذي تم الاتفاق عليه، وعلى الرغم من أنها أعربت كثيرًا عن عدم ارتياحها لتباطؤ الاتحاد الأوروبي في تقديم المبالغ المطلوبة إلا أن المشكلة لم تحل.
مناطق آمنة داخل سوريا
وعلى الرغم من أن اتفاق الهجرة نص على أن يبذل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه كافة الجهود المشتركة مع تركيا من أجل تحسين الظروف الإنسانية في سوريا وخاصة في المناطق القريبة من الحدود التركية، وضمان عيش السكان المحليين واللاجئين في مناطق أكثر أمانًا إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يتخذ أي خطوة ملموسة في هذا الصدد. ولم يقدم الاتحاد الأوروبي أي مساهمة لمبادرات تركيا في هذا الشأن.
فتح فصول جديدة بمفاوضات الانضمام للاتحاد
اتفقت تركيا والاتحاد الأوروبي على استمرار وتسريع التحضير لفتح فصول جديدة في مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
وبالرغم من ذلك لم يقم الاتحاد الأوروبي بفتح أي فصل جديد للتفاوض منذ 30 يونيو 2016 إضافة إلى أنه قد جمد تقريباً كل فصول المفاوضات المتعلقة مباشرة بعضوية تركيا في الاتحاد.
كما تذرع الاتحاد الأوروبي بالخلافات في شرقي المتوسط (مع اليونان وجنوب قبرص) وعلق اللقاءات رفيعة المستوى بين الجانبين.
تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي
من ناحية أخرى، مر 25 عاماً على اتفاقية الاتحاد الجمركي التي وقعت بين تركيا والاتحاد الأوروبي ودخلت حيز التنفيذ عام 1996. وكان من المقرر أن تكون الاتفاقية تطبيقاً من المرحلة الانتقالية، أي قبيل انضمام تركيا الكامل للاتحاد الأوروبي إلا أن الاتفاقية تحولت لنظام شراكة يسبب بعض المشاكل لتركيا.
وقد أكد اتفاق الهجرة على أن الاتحاد الأوروبي وتركيا سيعملان على تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، حيث كان من المتوقع بدأ المباحثات الرسمية للتحديث بعد حصول المفوضية الأوروبية على الصلاحية من المجلس الأوروبي بموجب الاتفاق إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يبد رغبة في تنفيذ ذلك.
وكانت المفوضية الأوروبية قد طلبت من المجلس الأوروبي في ديسمبر/ كانون الأول 2016 الموافقة على منحها صلاحية بدء المفاوضات حول تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي مع تركيا. إلا أنه بسبب الخلافات والتوترات مع بعض الدول الأعضاء لم تحصل المفوضية الأوروبية على التفويض المطلوب لبدء المباحثات، ولم يتم تنفيذ هذا التعهد أيضاً.
تضاؤل أعداد المهاجرين بفضل تركيا
جدير بالذكر أن الاتفاق أدى إلى السيطرة على الهجرة غير النظامية وخاصة في بحر إيجه، كما انخفضت أعداد الوفيات بين المهاجرين أثناء محاولتهم الهجرة.
وبالإضافة إلى هذا تشهد أعداد المهاجرين عبر بحر إيجه تراجعاً كبيرًا، ووفقًا لبيانات صادرة عن الأمم المتحدة، فقد وصلت أعداد المهاجرين عبر جزر بحر إيجه إلى ذروتها عام 2015 إذ بلغت 856 ألفا و723 ، بينما تقلص هذا الرقم إلى 9 آلاف و714 عام 2020.
اقرأ أيضاً: مجلس أوروبا ينتقد انسحاب تركيا من “اتفاقية إسطنبول”
انتقد مجلس أوروبا، السبت، انسحاب تركيا من اتفاقية المجلس الأوروبي المعنية بوقف العنف ضد المرأة، والعنف الأسري، ومكافحتهما، المعروفة باسم “اتفاقية إسطنبول”.
واعتبرت الأمينة العامة لمجلس أوروبا ماريا بوريتش، في بيان، أن انسحاب تركيا من الاتفاقية “خبر سيئ”، بحسب وصفها.
وأشار البيان إلى أن الاتفاقية تشمل 34 بلدا أوروبيا، وتعد معيارا لجهود حماية المرأة من العنف الذي تواجهه كل يوم.
وأضاف أن “هذا العمل (الانسحاب) خطوة كبيرة إلى الوراء، ومن المؤسف أن تعرّض تركيا حماية النساء للخطر في أوروبا وبلدان أخرى”، على حد تعبيره.
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، عن أسفه لانسحاب تركيا من الاتفاقية.
وأضاف في تغريدة عبر تويتر، أن “التراجع في الحقوق ينذر بالخطر”.
بدورها، أفادت وزارة الخارجية الألمانية بأن انسحاب أنقرة من “اتفاقية إسطنبول” بعث إشارة خاطئة إلى أوروبا وإلى النساء في تركيا.
وفي وقت سابق السبت، انسحبت تركيا من “اتفاقية إسطنبول” بموجب مرسوم، صادر عن الرئيس رجب طيب أردوغان.
ونشرت الجريدة الرسمية المرسوم، وجاء فيه أن “الجمهورية التركية قررت الانسحاب من اتفاقية المجلس الأوروبي المعنية بوقف العنف ضد المرأة، والعنف الأسري، ومكافحتهما، والتي وقعت في 11 مايو (أيار) 2011، وتم التصديق عليها في 10 فبراير (شباط) 2012، بقرار من مجلس الوزراء”.
(بقرار من الرئيس أردوغان.. تركيا تعلن انسحابها رسميًا من “اتفاقية إسطنبول”)
وتعليقا على الانسحاب، قال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، في تغريدة على تويتر، إن “بلاده مصممة على الارتقاء بمكانة المرأة التركية في المجتمع مع الحفاظ على النسيج الاجتماعي، دون الحاجة إلى تقليد الآخرين”.
من جانبه، قال وزير الداخلية سليمان صويلو، في بيان، إن “وجود اتفاقيات دولية أو عدمها لا يقلل أو يزيد من مسؤولياتنا لمنع أي شكل من أشكال الجريمة (المحتملة) التي سيتعرض لها مواطنونا”.
وبيّن أن وزارة الداخلية تقود مع الجهات المعنية عملية لحماية المرأة من العنف بمختلف المناحي، بينها تطبيق على الهواتف الذكية للتبليغ عن حالات العنف، إلى جانب إجراءات أخرى.
(سليمان صويلو: تركيا تحمي مواطنيها ضد الجرائم بغض النظر عن أي اتفاقيات)
وأعرب عن رفضه القاطع لكافة أشكال العنف ضد المرأة، مبينا أن مزاعم ارتفاع الجرائم ضد المرأة في تركيا عارية من الصحة.
المصدر: الأناضول