طب وصيدليةعالم حواء

الجنين بريء من “الوَحَم”، أسبابه ثقافية ومجتمعية ونفسية

لقد سمعنا جميعاً قصصاً عن طبيعة المرأة الحامل التي قد تشتهي الآيس كريم في برد الشتاء، وتتناول المخللات المالحة والحامضة بشكل لا يصدق، والتي ترسل زوجها في الساعة الواحدة صباحاً لشراء الدجاج المقلي، وتلك التي تشتهي نوعاً معيناً من ماركة محددة جداً من الشوكولاتة، إنه نداء “الوَحَم” الذي يجب تلبيته مهما كان الثمن!

غالباً ما يتم التكهن بأن الرغبة الشديدة في تناول بعض الأطعمة تلبي بعض الاحتياجات الغذائية للمرأة أو الجنين، لأنها تعكس حاجة بيولوجية أساسية.

لكن ماذا يقول العلم عن الوحَم، وهل هو مرتبط حقاً بحاجة الجنين لأطعمة أو عناصر غذائية معينة؟ أم أن تلك الرغبة والشهوة في تناول أطعمة معينة ترتبط بعوامل ثقافية ومجتمعية ونفسية مختلفة؟

اقرأ أيضا: كيف تعرفين أنك حامل من أول يوم دون أن تذهبي إلى الطبيب؟

لنتعرف في هذا التقرير.

الوحم قد يكون لأطعمة شائعة وعادية

إذا ألقينا نظرة على البحث العلمي حول موضوع الوحَم أثناء الحمل، فسنجد أن أسبابه أكثر تعقيداً مما نتصور. وجد الباحثون أن الرغبة الشديدة في تناول أطعمة غريبة أو صعبة المنال خلال فترة الحمل كمفهوم ليس موجوداً بالضرورة في جميع الثقافات.

وفي بعض الثقافات تشتهي النساء النساء أحياناً أشياء مختلفة تماماً عن تلك التي نسمع عنها عادة. على سبيل المثال، في اليابان، تشتهي النساء الحوامل طعاماً عادياً ومتوفراً دائماً، وهو الأرز، والذي يعتبر الطعام الأكثر شيوعاً في ذلك البلد.

الوَحَم غير مرتبط بحاجة الجسم لعناصر غذائية

إن الدراسات التي أُجريت لمعرفة ما إذا كانت الأطعمة التي يتم تناولها بشكل شائع عند الوحم توفر مغذيات محددة مفيدة للحمل، توصلت إلى أن هذه الأطعمة تعتبر مصادر غير جيدة على الإطلاق.

في الواقع تميل النساء اللواتي يبلغن عن الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة في اكتساب وزن أكثر مما يُعتبر عموماً طبيعياً أثناء الحمل، ما قد يؤدي إلى ارتفاع معدل المضاعفات السلبية أثناء الحمل والولادة، خاصة أن الأطعمة التي يشتهونها غالباً ما تكون معالجة، وتفتقر للمواد المغذية أصلاً.

الرغبة في تناول الأطعمة لها مصدر ثقافي ونفسي

نستنتج مما سبق أن الرغبة الشديدة في تناول بعض الأطعمة خلال الحمل لها مصدر ثقافي أو نفسي. قد تبدأ الرغبة الشديدة في الحصول على كعكة أو قطعة شوكولاتة أو بطاطس مقلية كفكرة بسيطة، ثم تنمو شيئاً فشيئاً لتصبح هاجساً يصعب مقاومته.

على سبيل المثال، في العديد من البلدان ترتبط فكرة الأطعمة الشهية للغاية للإشارة إلى كل شيء من الآيس كريم إلى الكيك إلى جبن البيتزا والوجبات السريعة وترتبط مع شعور قوي بالذنب.

اقرأ أيضا: هبوط الرحم أو تدلي الرحم.. أسبابه وطرق العلاج!

إذا كنت قد قمت بالفعل بتقييد نفسك لبعض الوقت وامتنعت عن تناول هذه الأطعمة، فمن الصعب للغاية التحكم في نفسك عندما تتناولها مجدداً.

لذلك بعد تناول قطعة من الكعكة بدلاً من الشعور بالرضا والاكتفاء تشعرين برغبة في أكل المزيد والمزيد منها.

ينطبق هذا على الحوامل، قد تقوم بعض النساء بالامتناع عن بعض الأطعمة أثناء الحمل، إما بهدف اتباع نظام غذائي صحي أو اتباع توصيات الأطباء فيما يتعلق بالسوشي واللحوم الباردة وغيرها من الأطعمة، ما يجعلهن يرغبن فيه بشدة أثناء الحمل، أو عدم الاكتفاء بقطعة صغيرة منه.

الحاجة لبعض الأطعمة ليست بيوكيميائية

هذا لا يعني أن النساء اللواتي لديهن الرغبة الشديدة لتناول أطعمة معينة يدّعين، لكن هذه الرغبة الشديدة قد تكون مدفوعة بشيء آخر غير الحاجة البيوكيميائية.

على سبيل المثال، أفادت حوالي 50% من النساء في الولايات المتحدة أنهن اشتهين الشوكولاتة في الأسبوع الذي يسبق الدورة الشهرية. بحث العلماء فيما إذا كانت هذه الرغبة الشديدة في تناول بعض المغذيات في الشوكولاتة مهمة لـالحيض، أو ما إذا كان السبب الهرمونات المتغيرة.

اقرأ أيضا: أسباب تشوه الجنين.. وهل بالإمكان تجنبه؟

في إحدى التجارب، طلب طبيب نفسي من النساء فتح صندوق حصلن عليه وأكل ما بداخله في المرة القادمة التي شعرن فيها بالرغبة في تناول الشوكولاته، كانت بعض الصناديق تحتوي على شوكولاتة بالحليب، والتي تحتوي على جميع العناصر الغذائية الموجودة عادة في الشوكولاتة، جنباً إلى جنب مع قوام يذوب في الفم بسهولة، وبعض الشوكولاتة البيضاء، التي لا تحتوي على مواد صلبة من الكاكاو (الذي يعطي الحليب والشوكولاتة الداكنة ألوانها البنية)، ولكن تحتوي على قوام لطيف مع العناصر الغذائية للكاكاو، ولكنها بالتأكيد تختلف عن الشوكولاتة العادية.

كانت الشوكولاتة البيضاء في الواقع هي الأكثر نجاحاً في إشباع الرغبة الشديدة، لذلك لا يمكن أن يكون هناك بعض العناصر الغذائية المفيدة أو المكونات النشطة في مواد الكاكاو الصلبة التي تحرك الرغبة.

لم تجد دراسات أخرى تتبع الرغبة الشديدة في تناول الشوكولاتة أي علاقة بمستويات الهرمون، في الواقع تستمر النساء في سن اليأس بالإبلاغ عن الرغبة الشديدة في تناول الشوكولاتة!

الحاجة للشعور بالدعم

عندما يتعلق الأمر بالرغبة الشديدة لتناول الطعام أثناء الحمل، فقد يكون هناك عامل نفسي وثقافي، أن فترة الحمل صعبة وتتطلب الشعور بالدعم والمساندة ممن حولك، أغلب النساء يشعرن في فترة الحمل بحاجة أكبر للاهتمام والحب والدعم من العائلة والأصدقاء.

اقرأ أيضا: علامات انخفاض مستوى هرمون الإستروجين
أشارت إحدى الدراسات التي أُجريت على النساء التنزانيات الريفيات اللواتي أبلغن عن رغبتهن في تناول اللحوم والأسماك والحبوب والفواكه والخضروات، خلال فترة الحمل، إلى أن توفير الطعام المرغوب كان علامة على الدعم والاهتمام من الزوج والعائلة.

النظرة المجتمعية لها تأثير كبير

ينظر المجتمع إلى الحمل أيضاً على أنه وقت يمكن فيه للمرأة أن تأكل فيه ما تشاء دون أحكام قاسية، يبدو أن هذه الثقافة تحدد أيضاً أوقاتاً وأعذاراً معينة، حيث يكون من الممكن للمرأة أن تأكل أشياء من المفترض أن تبتعد عنها، أو أن تأكلها بكميات زائدة، أو أن تطلب ما تشاء وتشتهي من الأطعمة الغريبة! ينطبق هذا أيضاً على فترة الدورة الشهرية، حيث يبرر للنساء أكل ما يحلو لهن لمحاربة الاكتئاب أو الآلام التي يمررن بها.

إن عدم حرمان النفس لوقت طويل، الذي يؤدي إلى الرغبة الشديدة في تناول الطعام، يمكن أن يساعد في وقف التصعيد من فكرة الرغبة في تناول الطعام إلى الشراهة.

اقرأ أيضا: ما علاقة مأكولات “الوحام” بمعرفة جنس الجنين؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نحن نقوم بلربح من الاعلانات يرجى ازالة مانع الاعلانات واعادة تحميل الصفحة