إن التوتر المستمر بين الهند والصين الناجم عن النزاع الحدودي والمنافسة الجيوسياسية والاقتصادية بين البلدين، بات يؤثر بشكل واضح في الاستقرار الإقليمي، ويعطي في السياق نفسه مبررات كافية للقوى الدولية المتنافسة من أجل استثمار هذا النزاع لمصلحتها.
بخاصة وأن الولايات المتحدة تملك مصلحة مباشرة في دعم الهند، وفي العمل على توريط الصين في صراع طويل الأمد مع جارتها الكبرى، لوقف مسار تحوّلها إلى القوة العظمى الأولى في العالم، ولعرقلة مساعيها الرامية لاستكمال وحدتها الترابية من خلال استعادة تايوان التي تشكل رهاناً كبيراً في معادلة صراع القوة بين جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة الأمريكية.
النقاط المشتركة بين البلدين
هما أكبر بلاد العالم من حيث عدد السكان، حيث يبلغ عدد سكان الهند والصين 3 مليار نسمة أي ما يساوي 40% من سكان العالم.
الصين هي رابع بلد من حيث كبر المساحة في العالم، أما الهند فتحتل المرتبة السابعة.
من حيث الاقتصاد، فالصين تأخذ ثاني أكبر اقتصاد بالكوكب، أما الهند فتقع في المرتبة الخامسة، ويبلغ اقتصاد الصين خمسة أضعاف اقتصاد الهند، كما يربط كلا البلدين شراكة اقتصادية كبيرة .
اقرأ أيضاً:خير الدين بربروس.. أسطورة النضال البحري العثماني
تحتل الصين المرتبة الرابعة من حيث التسليح وعدد الجنود، حيث يبلغ عدد الجيش الصيني 3 ملايين جندي، أما الجيش الهندي فيبلغ عدده 2 مليون جندي ويحتل المرتبة الخامسة. ومن طرف آخر كلا البلدين يملكان ترسانة نووية لا يستهان بها.
سّر العداوة بين الهند والصين
خلاف وتوتر هو الأقدم والأطول في العالم، ففي مطلع الستينات جرت حرب ضارية بينهما، أسفر عن هزيمة ساحقة للهند، فمنذ خروج الاستعمار البريطاني من شبه القارة الهندية والحدود الذي تركها لبلدان آسيا ظلت تخلق توتراً بين بلدان القارة، وتحديداً الصين، حيث رفضت ترسيم الحدود الذي أقره الانكليز، ووضعت يدها على ما تقول عليها أنها أراضٍ لها والهند تقول أن هذه الأراضي هي لها وتقدر مساحة الأراضي بـ 38 ألف كيلو متر مربع.
ففي نظر الهند أن هذه الأراضي تتبع ولاية (أروناتشال براديش) في حين تسميها الصين، (التبت الجنوبية) وتطالب بباقي الأراضي التي تقول الهند أنها أراضي هندية، كما تعد تلك المنطقة المتنازع غنية بالأنهار والبحيرات والقمم الثلجية المتجمدة، ما دفع كلا الطرفين للعسكرة في المكان حتى تحولت مايشبه الثكنة العسكرية التي تعج بالجنود والآليات والدبابات وحتى الطائرات.
بالإضافة إلى مايضيف على عداوة الهند والصين هي الشراكة والتحالف الاقتصادي بين الصين وباكستان المستفيد الأكبر من هذه العداوة، حيث تعتبر باكستان العدو الأزلي للهند، كما تتهم الصين الهند بإيواء معارضي إقليم التبت ومن بينهم (الدلالي لاما)، الزعيم الروحي للتبت الذي فرّ من الصين إلى الهند، ومن ثم إلى أمريكا ليعلن عن حكومة إنفصالية هناك كما تتهم بكين دلهي بدعمها (إسلام اباد).
تاريخ النزاع الحدودي بين الصين والهند
1947 – 1962
قامت الصين بشق طريق بطول 1200 كيلو متر، يصل بين غرب التبت ومنطقة سنجان ذاتية الحكم، ويمرّ 179 كيلو متر منه عبر منطقة “أكساي” الصينية التي تطالب الهند بها.
وفي عام 1960، انطلقت مباحثات بين مسؤولي البلدين لحل خلافات الحدود، وذلك بناء على اتفاق توصّل إليه رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو ونظيره الصيني تشو إن لاي.
اقرأ أيضاً: 21 آذار.. ليس عيداً للأم فقط، بل هناك مناسبات أخرى لا تعرف عنها شيئاً!
وعقب وصول مباحثات البلدين في هذا المجال إلى طريق مسدود، اندلعت بينهما حرب عام 1962 أودت بحياة 3 آلاف جندي هندي، و700 من نظرائهم الصينيين.
11 سبتمبر/ 1967 – اشتباكات “ناثو لا” و”تشو لا”
اندلعت اشتباكات بين البلدين، إثر شنّ الجيش الصيني هجوماً على نقطة عسكرية هندية في منطقة “ناثو لا” الواقعة جنوبي ولاية “سيكيم” الهندية.
أكتوبر/ 1975
لقي 4 جنود هنود حتفهم نتيجة الاشتباكات التي وقعت بين عسكريي البلدين في منطقة “تولوغ لا” الكائنة في ولاية “أروناتشال براديش” الحدودية. لاحقاً تم الإعلان عن أن سقوط الضحايا نجم عن حادث بسبب مركبتي دورية ضلّتا الطريق بسبب الضباب.
أبريل/ 2013
قالت الهند إن قوات صينية أنشأت معسكرا على بعد 10 كيلومترات من حدودها الشرقية، غير أن بكين نفت ذلك. وانتشر جنود من البلدين على الحدود لمدة شهر كامل، قبل أن ينسحبوا جميعاً، مطلع مايو/أيار.
سبتمبر/ 2014
بدأت الهند بشق قناة في قرية بمنطقة لدخ الحدودية الواقعة بجامو وكشمير الجزء الخاضع للهند، ما أثار احتجاج بكين. وعلى أثر ذلك أرسلت الصين قوات لها إلى المنطقة. وتراجع التوتر بعد 3 أسابيع مع سحب البلدين قواتهما من المنطقة.
سبتمبر/ 2015
تواجهت القوات الصينية والهندية بمنطقة بورتسه شمال لدخ بعد تفكيك القوات الهندية برج مراقبة بنته الصين بالقرب من خط الدوريات العسكرية المتفق عليه بين البلدين.
اقرأ أيضاً: محاربات أبهرن العالم القديم بقيادتهن للجيوش بشجاعة
يونيو/ 2017
وقع خلاف عسكري بين البلدين في منطقة “دوكلام” بولاية “سيكيم” الهندية”، وذلك إثر إحضار الصين آلات ثقيلة لبناء طريق في المنطقة المتنازع عليها. ما دفع الهند إلى جر قوّاتها إلى المنطقة يوم 18 يونيو، أي قبل يومين من بدء الصين بأعمال شق الطريق.
أغسطس/ 2017
أسفرت الأحداث التي وقعت بين الطرفين في منطقة بحيرة “بانغوغ” على ارتفاع 4350 متراً عن سطح البحر، عن إصابة العديد من الجنود الصينيين والهنود. وذكرت الصحافة الهندية إصابة 72 جندياً هندياً.
5 مايو/ 2020
شهدت منطقة “لدخ” الحدودية بين الصين والهند، مناوشات بين حرس حدود البلدين، وذلك بسبب اعتراض الجيش الصيني على قيام القوات الهندية بدورية في المنطقة. وأظهرت مشاهد قيام جنود البلدين بلطم بعضهم البعض والتراشق بالحجارة.
10 مايو/ 2020
أدت المواجهات بين الجنود الصينيين والهنود في وادي “موغوثانغ” بولاية “سيكيم” الهندية، والتي انخرط فيها 150 عسكرياً من الجانبين، إلى إصابة 7 عسكريين صينيين و4 هنود.
21 مايو/ 2020
دخلت الوحدات العسكرية الصينية، إلى وادي غالوان بمنطقة لدخ، لمنع الهند من بناء طريق هناك.
24 مايو/ 2020
أقام جنود صينيون خيماً في مناطق “هوت سبرينغ” و”باترولينغ 14″ و”باترولينغ 15″، حيث تراوح عدد الجنود الصينيين ما بين 800 إلى 1000 جندي في كل منطقة على حدة، رافقه إحضار بكين آلات ثقيلة ومعدات مراقبة إلى المنطقة.
15 يونيو/ 2020
لقي 20 عسكرياً هندياً، بينهم ضابط، حتفهم في مواجهات مع نظرائهم الصينيين في وادي “غالوان” بمنطقة لدخ. وذكرت الصحافة الهندية سقوط 43 جنديا صينيا بين قتيل وجريح في المواجهات ذاتها.
اقرأ أيضاً: أول امرأة “سوداء” ستوضع صورتها على ورقة نقد أمريكية
الاتفاقيات الحدودية بين الصين والهند
أبرمت الصين والهند حتى اليوم 5 اتفاقيات ثنائية لحل الخلاف الحدودي القائم بينهما وهي:
1993: اتفاقية حفظ السلام والاستقرار على طول خط السيطرة الفعلي في المناطق الحدودية بين الصين والهند
1996: اتفاقية تدابير تعزيز الثقة في المناطق العسكرية الممتدة على طول خط السيطرة الفعلي في المناطق الحدودية بين الصين والهند.
2005: بروتوكول سبل تنفيذ تدابير تعزيز الثقة في المناطق العسكرية الممتدة على طول خط السيطرة الفعلي في المناطق الحدودية بين الصين والهند
2012: اتفاقية تأسيس آلية العمل الخاصة بالتنسيق والتشاور في العلاقات الحدودية بين الصين والهند.
2013: اتفاقية التعاون الدفاعي الحدودي بين الصين والهند.
شاهد أيضاً: الكولونيا.. متى ظهرت؟ ومن أين جاء الاسم؟
المصدر: مواقع إلكترونية، وسائل التواصل الإجتماعي