تاريخرياضةفيديو

بقيت الركلة المشؤومة تحضره لسنوات قبل النوم.. قصة اللاعب الإيطالي روبرتو باجيو 

قلة هم اللاعبون العباقرة الذين يجعلون كرة القدم ضربا من الإبداع والسحر، واللاعب الإيطالي “روبرتو باجيو” الشهير بجدائل ذيل الحصان هو أحد هؤلاء.

باجيو صاحب التسريحة العجيبة واللاعب الحزين الذي مات واقفا في أرض الملعب لم يكن نجاحه بالأمر الهيّن، فقد ارتبطت كل مرحلة من مسيرته الرياضية بصعوبات جمّة، وأولى هذه العراقيل كانت إصابة قاسية كادت أن تدمر مستقبله الرياضي، فقد علا كعبه وهو بعد في فريق فيتشنزا المغمور، وانتبهت إليه الفرق الكبيرة، لكن حالما أمضى عقده الاحترافي الأول مع فريق فيورنتينا الناشط في صفوف النخبة؛ أصيب إصابة بليغة اعتقد معها أن مساره الكروي انتهى قبل أن يبدأ، فعاش أزمة روحية عميقة جعلته يبحث عن خلاصه في الديانة البوذية، رغم أنه منحدر من عائلة مسيحية كاثوليكية.

ولد روبرتو باجيو عام 1967 في كاليدونيا بمقاطعة فيشنزا الإيطالية، لعائلة متواضعة مؤلفة من سبعة أشقاء وكان ترتيبه السادس بينهم، أحب كرة القدم منذ صغره وانضم إلى فريق فيتشينزا عام 1985، حيث لعب معه أربع سنوات سطعت موهبته حتى جلب أنظار مسؤولي نادي فيورنتينا، الذي كان ينشط في الدرجة الأولى من الدوري الإيطالي، لعب 94 مباراة خلال خمس سنوات مع فيورنتينا وسجّل 39 هدفًا، ثم انتقل إلى يوفنتوس قبل مشاركته الأولى في كأس العالم عام 1990 مع منتخب بلاده، بصفقة قياسية بقيمة 19 مليون يورو اعتبرت الأغلى في عالم الكرة في ذلك الوقت.

اقرأ أيضاً: مزحة قاتلة أودت بحياة لاعب كرة قدم إيطالي، تعرف على القصة!

انفجرت موهبة باجيو الكروية بصفوف السيدة العجوز وقضى أجمل أعوام مسيرته، حيث سجّل 78 هدفًا، وفاز بلقب الدوري، وأصبح بفضل نادي يوفنتوس نجمًا في منتخب بلاده، لينتقل بعدها إلى نادي ميلان، حيث أحرز معه لقب الدوري الإيطالي، ليكون أول من حقق لقبي دوري مع ناديين مختلفين في أول موسم. 

إصابة باجيو المبكرة 

ربما لم يكتب لهذا اللاعب أن يعرف السعادة أو أن يعرف الحظ الجيد طوال مسيرته الكروية، ففي بداية العشرينات تعرض لاصابة في الرباط الصليبي أثناء مباراة فريقه في الدوري الإيطالي أمام نادي بارما، كانت هذه الإصابة كفيلة بإنهاء مسيرته الكروية قبل أن تبدأ، أي أنه أمضى بقية مسيرته وهو بنصف مستواه، ومع ذلك أبهر العالم بما قدمه، فهو من حمل إيطاليا على كتفيه في مونديال 94، ولولاه لما بلغت إيطاليا الدور النهائي. 

ومع ذلك لم ينسى أي أحد ما فعله طوال البطولة، بل الجميع كان يذكر تلك الركلة الترجيحية المشؤومة.

يقول باجيو: لم أعرف سوى الألم خلال مسيرتي، أجريت ستة عمليات  جراحية في كلتا ركبتي، أربعة في اليمنى واثنتان في اليسرى، وعشرات الغرز الطبية في كليهما.

ويتابع، في إحدى الليالي تورمت ركبتي لدرجة أنني لم أعد قادراً على رؤية مشط قدمي، وأنا مستلقٍ على ظهري كان الأمر أشبه بالجحيم.

كل من رآني حينها قال لي: انسى الأمر، وحاول أن تعود للمشي فقط ولا تحاول لعب الكرة مجدداً.

لم ألعب مباراة واحدة دون ألم، لا أذكر أنني لعبت ولو لموسم واحد وأنا بخير، في كل مباراة كنت ألعب بقدم ونصف وأشعر أن ركبتي تضمحل بعد المباراة.

لكنني كنت في كل مرة أنهض مجدداً لأثبت أن أحلامي أكبر من أن تدمرها مجرد إصابة.

وختم، قلت لأمي ذات مرة في إحدى الليالي: إذا كنتِ تحبيني فعلاً، اقتليني وأريحيني من هذا العذاب!


200 غرزة في الرباط الصليبي في القدم اليسرى للاعب الإيطالي “روبرتو باجيو”، حيث اعتبر حينها أن مسيرته الكروية قد انتهت!

وفي عام 2004 قرر باجيو الإعتزال بعد أن أصبح خامس أفضل هداف في تاريخ الدوري الإيطالي، لعب روبرتو باجيو مع منتخب إيطاليا لكرة القدم في ثلاث نهائيات لكأس العالم، وسجل خلالها مجموع 9 أهداف، حيث صنف باللاعب الإيطالي الأكثر تسجيلاً في كأس العالم، وكانت أفضل مشاركة له في كأس العالم 1994، عندما قاد إيطاليا إلى الوصول للمباراة النهائية أمام منتخب البرازيل لكرة القدم، ولكن منتخب إيطاليا لكرة القدم خسر المباراة بعد أن أضاع باجيو ركلة الجزاء الأخيرة، بعد أن أطاح بها عاليا.

ركلة الجزاء اللعينة

إلى حدود صيف سنة 1994، كانت حياة اللاعب الإيطالي روبيرتو باجيو مثالية على المستويين الشخصي والرياضي، وكان يخطو بثبات نحو نحت مسيرة ذهبية، فقدم مردودًا رائعا خلال مونديال الولايات المتحدة، حيث قاد منتخب بلاده الى الأدوار الإقصائية من البطولة، ولم يسلم شباك أي منتخب من تسديداته، وتمكن من تسجيل ثنائية في مرمى نيجيريا وإسبانيا وبلغاريا، والوصول بإيطاليا إلى النهائي ومواجهة منتخب البرازيل القوي.

وخلال مباراة النهائيات التي جمعت منتخب إيطاليا مع البرازيل، وبعد إنتهاء الوقت بالتعادل للفريقين، آلت المباراة إلى ضربات الجزاء الترجيحية، فما كان من باجيو إلا أن تقدّم لتصويب ضربة الجزاء الأخيرة الحاسمة، وكان لقب كأس العالم بين أقدام باجيو، لكن كرته أصابت سماء الملعب ولم تصب الشباك وضاع حلم اللقب.

اقرأ أيضاً: أسباب الانفصال والصراع بين أقاليم إسبانيا، وعلاقة المنافسة الشرسة على بطولة كأس الملك!

دهشت الصدمة جمهور إيطاليا وباجيو على حد سواء، إذ صدم بضياع اللقب على يديه بعد أن حلم كثيرا بالتتويج، خاصة في ظل المنافسة الشديدة مع نجم البرازيل روماريو في تلك الفترة، نسيت الجماهير ما فعله باجيو لأجلهم في البطولة، وانهالت عليه نقدًا لاذعًا وكتبت الصحف الإيطالية، حتى جفّت الأقلام عن ركلة الجزاء التي حطمت آمال الإيطاليين، وكتب على أحد جدران العاصمة الإيطالية روما “سيغفر الرب للجميع إلا لباجيو”.


ركلة الترجيح التي فوتت على إيطاليا الثأر من البرازيل والفوز بكأس العالم من قبل اللاعب “روبرتو باجيو”

باجيو لم تغفر له الجماهير ولم يغفر لنفسه أيضا، فقد قضى بقية مسيرته بعد المونديال بأداء متواضع ومستوى متذبذب، رفضه منتخب بلاده في كأس أوروبا في نسختي 1996 و2000، وتعرض إلى الكثير من المشاكل مع الجماهير والمدربين.

اعتزل باجيو الكرة وعالم الرياضة، وتقول الصحافة الإيطالية إنه مايزال يشعر بالذنب ويخجل من مواجهة الرأي العام على عكس بقية نجوم جيله، تأثر النجم الإيطالي بما حصل في المشهد الختامي لمونديال سنة 1994، حيث قال في حديث نادر لـ صحيفة روبوبليكا الإيطالية: كنت قريبا من الإقدام على الانتحار في البطولة.

ويضيف: ابتعدت عن عالم الكرة ولا أريد الظهور في الإعلام إلا كمحلل فني على غرار أصدقائي، أنا اليوم أتواصل مع الطبيعة وأتابع كرة القدم النسائية وأشجع فريق ليكرز لكرة السلة في الولايات المتحدة.

رغم مسيرته الزاخرة بـ التتويجات والنجاحات، إلا أن ضياع ركلة جزاء في مباراة البرازيل جعلت الجميع يتذكّر باجيو كلاعب فاشل، حرم بلاده من بطولة العالم.

حاز النجم الإيطالي على عدة جوائز في مسيرته على غرار الكرة الذهبية لأفضل لاعبي العالم سنة 1993، وجرى تصنيفه من بين أفضل 100 لاعب في القرن العشرين من قبل مجلة World Soccer Awards، ورابع أفضل هداف في تاريخ منتخب إيطاليا.

شاهد أيضاً: مالا تعرفه عن فيلسوف كرة القدم سقراط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نحن نقوم بلربح من الاعلانات يرجى ازالة مانع الاعلانات واعادة تحميل الصفحة