سيكولوجية المال.. ما الفرق بين أن تكون غنيا أو ثريا؟
الفترة التي يولد فيها المستثمر تلعب دوراً حاسماً في تحديد قدرته على تحقيق أرباح بعيدة المدى.
يعد المال بالنسبة لبعض المستثمرين مصدراً للمتعة ووسيلة لإظهار الترف أمام الآخرين، لكنه بالنسبة للبعض الآخر فرصة واعدة لا ينبغي إهدارها من أجل حياة أفضل، وهنا يكمن الفرق بين الأغنياء والأثرياء.
في مقال نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، سلّط الكاتب جيسون زويغ الضوء على كتاب جديد بعنوان “سيكولوجية المال“، قائلاً: إنه من أفضل الكتب في عالم المال والأعمال خلال السنوات الأخيرة.
الكتاب من تأليف المدوّن و”المستثمر الجريء” مورغان هوسل، ويقوم على فكرة أساسية وهو أن المال ليس وعاء للقيمة بالأساس، بل خزانا للعواطف ومحركا لمشاعر الخوف والأمل والحسرة والثقة والمفاجأة والحسد والندم.
الفرق بين الثري والغني
يستهل هوسل كتابه بـقصة صادمة شهدها بنفسه، إذ يقدم مستثمر في قطاع التكنولوجيا آلاف الدولارات نقداً لـ موظف في فندق من أجل شراء بعض العملات الذهبية من محل مجوهرات قريب.
اقرأ أيضاً: سيكولوجية الرياضة.. تعرف على دور علم النفس في كرة القدم!
يأخذ المستثمر تلك العملات التي تبلغ قيمة القطعة الواحدة منها حوالي ألف دولار، ويلقيها الواحدة تلو الأخرى في المحيط الهادئ، فقط من أجل المتعة، وحسب هوسل، فإن “المال بالنسبة لهذا المستثمر الذي أفلس لاحقا، كان فقط مجرد لعبة، لكنه ليس كذلك لجميع المستثمرين”.
أمضى المستثمر الأميركي “رونالد ريد” فترة طويلة من حياته عاملا في محطة وقود، وبوابا في بلدة براتلبورو بولاية فيرمونت، لكن عند وفاته في عام 2014 عن عمر يناهز 92 عاما، تبرعت شركته العقارية بأكثر من 6 ملايين دولار للجمعيات الخيرية المحلية.
يتساءل هوسل في كتابه عن العوامل التي أدت إلى تفوق بواب غير حاصل على شهادة جامعية ولا تدريب، ولا يملك أي خلفية استثمارية ولا خبرة ولا شبكة علاقات قوية، على العديد من المستثمرين المحترفين؟
ومن وجهة نظره، فإن الاستثمار ليس اختبارا للذكاء بقدر ما هو اختبار للشخصية، فعلى عكس الرجل الذي ألقى بقطع ذهبية في البحر، لم يلجأ “رونالد ريد” إلى إنفاق مبالغ كبيرة حتى يثبت للآخرين أنه لم يعد فقيراً، بل تحلى بمجموعة من القيم التي ساعدته وساعدت كثيرين في تكوين ثروات كبيرة.
وفي تحليله لأداء شركتين من أنجح الشركات عالميا في العقود الأخيرة، يقول هوسل إن شركة “نتفليكس” حققت أرباحا تفوق 35 ألفا بالمائة بين عامي 2002 و2018، بينما جنت شركة مشروبات الطاقة الأميركية “بفريج مونستر” أرباحا بأكثر من 300 ألف بالمائة من 1995 حتى 2018، في الفترة ذاتها، عجزت العديد من الشركات على الصمود وانسحب الكثير من المستثمرين، بسبب التراجع المستمر في قيمة الأسهم.
اقرأ أيضاً: ماهو الفرق بين الحب والجنس؟
الثري الحقيقي هو ذلك الذي لا يهتم كثيرا بآراء الآخرين ويركز على التحكم بأمواله ليكون سعيدا طوال الوقت (غيتي إيميجز).
المستثمر الناجح
يرى هوسل أنه من الخطأ أن ينظر المستثمر إلى التقلبات والخسائر على أنها نتاج لأخطاء ارتكبها، وأنه من الأجدر أن يتعامل مع تلك التقلبات على أنها ضريبة حتمية للمغامرة، وأن يتحلى بالصبر من أجل الصمود وتجاوز الفترات الصعبة.
وفي حين ينظر معظم المستثمرين إلى وارن بافت (مستثمر أميركي شهير ورئيس مجلس إدارة شركة بيركشير هاثاواي، ورابع أغنى رجل على في العالم)، على أنه حقق ثروته الطائلة من خلال التحليل الجيد للسوق والعمل الجاد وشبكة العلاقات الواسعة، ينظر هوسل حسب رأي الكاتب إلى الأمور من منظور مختلف، إذ إن أهم ما لفت انتباهه في مسيرة بافت هو أنه جمع 95% على الأقل من ثروته بعد سن 65 عاما.
يقول هوسل متحدثا عن بافت “يعد المفتاح الحقيقي لنجاحه هو أنه كان مستثمرا مدهشا لثلاثة أرباع القرن، ورغم أنه يجيد الاستثمار، لكن سر نجاحه هو الوقت”.
اقرأ أيضاً: تعرف على أنماط الأمزجة الأربعة لدى الإنسان!
ويضيف أن الفترة التي يولد فيها المستثمر تلعب دوراً حاسماً في تحديد قدرته على تحقيق أرباح بعيدة المدى، فأولئك الذين ولدوا عام 1950 لم يحققوا أرباحا تُذكر في البورصة بين سن 13 و30 من العمر بسبب التضخم، بينما جنى مواليد 1970 أرباحا أكثر بحوالي 9 أضعاف في سنواتهم الاستثمارية الأولى، ويحتاج مواليد عام 2000 إلى أن يدخروا أموالا أكثر بكثير من تلك التي ادخرها آباؤهم.
ويحث هوسل المستثمرين على التفكير بشكل عميق في الغرض من اكتساب المال وجمع الثروة، ويرى أن العديد من الأشخاص الأغنياء لا يمكن وصفهم بالأثرياء، لأنهم يشعرون بحاجة ملحة ومستمرة إلى إنفاق الكثير من المال ليُظهروا للآخرين مدى ثرائهم.
ويرى هوسل أن “الثري الحقيقي هو ذلك الذي لا يهتم كثيرا بآراء الآخرين، ويركز أساسا على التحكم في أمواله ليكون سعيدا طوال الوقت”.
شاهد أيضاً: حيل المراكز التجارية لكسب المزيد من الأموال
المصدر: وول ستريت جورنال